القائمة الرئيسية

الصفحات

الادمان دون ان نشعر على منصات التواصل الاجتماعي؟

لماذا نحن مدمنون على منصات التواصل الاجتماعي؟

إدماننا على منصات التواصل الاجتماعي ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة لتصميمها المدروس الذي يعتمد على مزيج من الآليات النفسية، الاجتماعية، والتقنية. هذه المنصات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ونقضي ساعات طويلة عليها دون أن نلاحظ ذلك. في هذا المقال، سنناقش الأسباب الرئيسية التي تجعلنا مدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي ونقدم الأدلة التي تدعم هذه الفكرة.

1. آليات المكافأة الفورية والدوبامين

منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إنستغرام، وتويتر تعتمد على مفهوم المكافآت المتقطعة، وهي فكرة مستوحاة من علم النفس السلوكي. عندما نستخدم هذه المنصات، نحصل على مكافآت عشوائية مثل الإعجابات، التعليقات، والمشاركات، مما يحفز إفراز الدوبامين، وهو هرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة. هذه المكافآت غير المتوقعة تعزز من رغبتنا في الاستمرار في استخدام المنصة، على أمل الحصول على المزيد من المكافآت في المستقبل.

دليل علمي: في دراسة نشرت في مجلة Journal of Behavioral Addictions، وجد الباحثون أن المكافآت العشوائية والإيجابية التي نحصل عليها من التفاعل الاجتماعي الإلكتروني تؤدي إلى إفراز الدوبامين بنفس الطريقة التي تعمل بها القمار أو الألعاب الإلكترونية، مما يجعل المستخدمين يشعرون بالسعادة والرضا الفوري .

2. التفاعل الاجتماعي والشعور بالانتماء

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، ويبحث عن التفاعل والقبول من المجتمع من حوله. وسائل التواصل الاجتماعي توفر لنا بيئة تمكننا من التواصل مع الأصدقاء والعائلة وحتى الغرباء في أي وقت ومن أي مكان. هذا الإحساس بالتواصل يعزز شعورنا بالانتماء إلى مجتمع أوسع، وهو ما يدفعنا للبقاء متصلين لفترات طويلة.

دليل علمي: دراسة نشرتها American Journal of Health Promotion أظهرت أن الشعور بالانتماء والتفاعل الاجتماعي عبر الإنترنت يرتبط بشكل كبير بتحسن الحالة المزاجية وتقليل مستويات القلق، مما يعزز من استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن هذه المشاعر الإيجابية .

3. الخوارزميات المخصصة لجذب الانتباه

أحد أقوى أدوات الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي هي الخوارزميات التي تعمل في الخلفية. هذه الخوارزميات تدرس تفضيلاتنا وسلوكنا عبر المنصة، وتقدم لنا محتويات مخصصة ومشوقة تجعلنا نبقى على المنصة لأطول فترة ممكنة. كل مرة نتصفح فيها، نجد محتويات تتماشى مع اهتماماتنا، مما يزيد من احتمالية العودة باستمرار لاستهلاك المزيد من المحتوى.

دليل علمي: في دراسة أجرتها Harvard Business Review، تبين أن الخوارزميات التي تعتمد على تفضيلات المستخدمين تزيد من معدلات التفاعل بنسبة 40% مقارنة بالمحتويات العشوائية، مما يعزز من استمرارية استخدام المنصات .

4. الخوف من الفقدان (FOMO)

الخوف من الفقدان، أو ما يعرف بـ FOMO (Fear of Missing Out)، هو حالة نفسية تجعلنا نشعر بالقلق من تفويت شيء مهم يحدث في العالم من حولنا. منصات التواصل الاجتماعي تغذي هذا الخوف من خلال تحديثات الأخبار السريعة والمستمرة. نتلقى محتويات جديدة من أصدقائنا، الأخبار، والمشاهير على مدار الساعة، مما يجعلنا نشعر بأننا بحاجة للبقاء متصلين دائمًا حتى لا نفوت شيئًا مهمًا.

دليل علمي: دراسة نُشرت في Computers in Human Behavior أوضحت أن FOMO هو أحد المحفزات الرئيسية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يزيد من مستويات التوتر لدى الأفراد ويؤدي إلى إدمانهم على المنصات خوفًا من تفويت الفرص أو المعلومات .

5. الهروب من الواقع والمشاعر السلبية

بالنسبة للكثيرين، توفر منصات التواصل الاجتماعي مهربًا من الواقع أو من المشاعر السلبية مثل الملل، الوحدة، أو الاكتئاب. من خلال التفاعل مع المحتوى الترفيهي أو التواصل مع الآخرين، نشعر بتحسن فوري وننسى مشاكلنا لفترة. هذه الراحة المؤقتة تجعلنا نعود إلى المنصة مرارًا وتكرارًا كلما شعرنا بالسلبية.

دليل علمي: دراسة نُشرت في Journal of Social and Clinical Psychology أظهرت أن العديد من المستخدمين يلجؤون إلى وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للهروب من مشاعر القلق أو الاكتئاب، مما يجعل هذه المنصات ملجأً نفسيًا، ولكنه قد يؤدي إلى إدمان على المدى الطويل .

6. سهولة الوصول والاستخدام

إحدى الميزات التي تزيد من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي هي سهولة الوصول إليها. تطبيقات الهواتف الذكية، والتصميمات البسيطة التي تسهل التفاعل والتنقل تجعل من السهل جدًا استخدامها في أي وقت وأي مكان. يمكننا الوصول إلى حساباتنا بمجرد ضغطة زر، مما يزيد من وتيرة الاستخدام اليومي.

دليل علمي: دراسة أجرتها Pew Research Center في 2020 أظهرت أن 81% من البالغين في الولايات المتحدة يستخدمون الهواتف الذكية للوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مما يشير إلى أن سهولة الوصول إلى هذه المنصات تلعب دورًا كبيرًا في استمرارية استخدامها .


الخلاصة

إدماننا على وسائل التواصل الاجتماعي ليس مجرد نتيجة لضعف الإرادة، بل هو نتاج لتصميم مدروس يعتمد على فهم عميق للآليات النفسية والسلوكية. من خلال المكافآت الفورية، الخوارزميات المتطورة، والخوف من الفقدان، يتم جذبنا للبقاء على هذه المنصات لفترات طويلة. بينما توفر هذه المنصات فوائد عديدة، إلا أن فهم أسباب الإدمان يمكن أن يساعدنا في تنظيم استخدامها بشكل صحي ومتوازن.


المصادر:

  1. Journal of Behavioral Addictions.
  2. American Journal of Health Promotion.
  3. Harvard Business Review.
  4. Computers in Human Behavior.
  5. Journal of Social and Clinical Psychology.
  6. Pew Research Center.

تعليقات

التنقل السريع